
سطوة تأمل
قصة قصيرة
في غمرة من التداعي الحرّ وجريان سيل الخواطر في وادي السراب المتملق ، لمحته مرتديا ثوبا رماديا ، متعصبا قبعة سوداء ، بالقرب من الحاجز الأخير والطقس ينذر بحرّ تموزي شديد .. إنه عجوز يقارب السابعة والستين من العمر ، يترنح في مشيته ، مستندا عكازة تكسرت أطرافها كثرة الاستخدام ، أعرج ذاب بين أخاديد الشقاء وخرج متقهقرا من معاركه الشعواء ، ابتسمت قليلا – أراني مكانه – ثم بكيت قليلا ..
– كم أنت حقيرة يا حياة !!
آخر يسير ويتمايل متبخترا لا يدري أنه يملك خدا من طين وقلبا من حجر ، لا يلوي على شيء ويجهل متى تأتي ساعة الصفر .
على يساري آخر مرّ سريعا يقود سوناتا فارهة لم يلمح الأعرج المتهالك الذي كان يتألم في كل خطوة يخطوها قد يكون ملتهيا بحسابات شخصية أخذت انتباهه ، هل سيعلم أنه معجون من كومة تراب وسطل ماء.
كلت عيني في بحثها عن العجوز الأعرج ، غاب عن الأنظار ، وأنا عبرت الحاجز بسلام بعدما شدّني التأمل قليلا إلى بحيرة الأحزان.
✍ سلام زهراب
