
قصة قصيرة:
بقلم محمد محمود غدية
( مشاهدات ميت)
فى مساحة واضحة كتب نعيه فى صفحة وفيات كبرى الصحف، ليقطع الرجعة على من يقولون : لم نقرأ النعي !
– معلنا موعد ومكان العزاء ، لم يهمل آية تفاصيل، بدء من السرادق الكبير المقام أمام منزله، مؤكدا علي تقديم الشاي المحلى بالسكر والقهوة للمعازيم،
لاذنب للناس، فى تجرع المرارة و الحزن، لأن مكابدة الحزن، تكون لأهل المتوفى وحدهم، وبعض الأصدقاء إذا كان هناك أصدقاء،
عدد قليل من زملاء العمل من شارك فى الجنازة والعزاء،
– فى السرادق، سمع زميله شوقى يخاطب هامساً فريد مدير الحسابات قائلا : الحمد لله إنه مات وأخلى الدرجة وأصبحت من نصيبى،
ياللبشاعة بدلاً من الترحم على المتوفى، فرحانين إنه مات !
– كان قد قرر أن يكتب على شاهد المقبرة : خفف الوطء، هنا ترقد عظامي ليتها كانت عظامك !
يخص تلك العبارة زملاء العمل شوقي وفريد،
– فى مشهد آخر ..
الزوجة أمام المرآة، لاتنسى أناقتها، تمرر أصبع الروج خفيفاً علي شفيتها، ليقال أن إحمرار الشفاه طبيعي، ترتدي الثوب الأسود الذي يكشف أكثر مما يخفى، كان قد إشتراه لها فى مناسبة عيد زواجهما، تشد الثوب لأسفل صدرها، أخذت وقتاً طويلاً في إدرار الدموع المستعصية على النزول،
– سمعها تردد همساً :
إنه الآن في راحة، وأنا الأخرى !
– مشهد أخر ..
الأبناء وهم يتصارعون على الميراث، فى زمن وجيز وكأنهم فى سباق مارثون، تم إنهاء كل الأوراق وإعلام الوراثة، و المعاش،
– كان قد أوصي الزوجة والأولاد، برعاية الزرع أمام المقبرة و التى أهملوها، حتى جفت وتهدلت سيقانها وتساقطت أوراقها،
– إنتبه لصوت زوجته وهي توقظه قائلة : ماتنساش موبايل سمير الجديد بدلا من القديم التالف وحذاء داليا، وإفتكر تقدم على سلفة لسداد مصروفات مدارس الأولاد،
– لم تسمعه وهو يقول : الموت أرحم .
