
الغربة .. ؟!.
يا أيها المطر
عذراً إذا سألتكَ
عن أهلي و أصدقائي في الشمال
عن الثلوج ..
إذا غطت بالثوب الأبيض
جنازات الأشجار ..؟
عن الرياح ..
إذا كانت تبكي على الأزهار ..؟
عن النهر ..
إذا كان يعقد على خصر الجبال
دبكة الرجال
و يمزق للفرح
أضلع الماء على القيثار .. ؟
عذراً ..
إن الغربة لم تترك لي
غير هذا القلم
و تلك المدواة
و بعض الأشعار
و قلبي يتحرق شوقاً
لسماع صياح الديك
فوق الدار
و عقلي يسلخ الحروف
من قحف الدماغ
و يسند بالأحزان
على الجدار
و أنا .. أنا
شاعرٌ محاصرٌ
بالبرد و الجوع والأيتام و الأشرار
ألفظُ على ارصفة الغربة
أنفاسي الأخيرة
و أرمي حروفي و كلماتي
إلى النار
وألملمُ خيوط الضوء
و أصنعُ للفقراء
قميص شعر
من الغبار
يا أيها المطر ..
عذراً إذا سألتكَ
عن عصافيري و قطتي و كلبي
و عن صورة أبي على الجدار ..؟
وعن رائحة أمي
إذا كانت و مازالت
تعبق بالدار ..؟
وعن المرجوحة الخشبية
إذا كانت و ما زالت
تهز على غصن شجر التوت
ضحكات الصغار ..؟
عذراً إذا سألتكَ
عن أرضي
إذا كانت و ما زالت
تئنُ
تحت وطئ الأشرار
عن سمائي
إذا كان و ما زال
يلف بطوق المطر
جراح الأشجار
عن الشمس و القمر
إذا كانا و ما زالا
يصنعان للعشب الأخضر
قميص شعر ٍ
من الأنوار ..؟
بقلمي : عصمت مصطفى
أبو لاوند
سورية
